احببتها عبر النت ...هل حرام

أحببتها عبر الإنترنت ..هل هذا حرام؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعرفت على فتاة على الانترنت منذ اكثر من سنة ونشأت بيننا علاقة حب قوية .. ولكنها من دولة اخرى .. واتفقنا على الارتباط والزواج حين انتهى من دراستي ( اي خلال بضعة سنوات )
عجبني فيها اخلاقها والتزامها الديني .. وتأثرت كثير بشخصيتها والحمد لله الذى هداني على يدها .. فبفضل الله اولا وبفضلها ثانيا .. تبت الى الله وبدأت الصلاة والصيام وقراءة القرآن .... واكاد اجزم ان علاقتنا طاهرة عفيفة .. فنحن لسنا مجرد اثنين متحابين على الايميل .. بل نحن ندير منتدى محترم .. ونحاول نشر الذكر والفائدة فيه ليبارك الله فينا وننال ثوابه .. ولدينا نية على الارتباط والزواج عندما تحين الظروف .. والله يعلم ما فى قلوبنا
ومنذ يومين قرأت موضوعا يقول .. ان من يحب شيئا غير الله يعذب به .. وان عشقي لها يصنف كضليلة وقعت فيها لتضلني عن عبادة الله وتشغلني عن ذكره
ولكن النتيجة كانت عكس هذا تماما .. فانا لم اعرف الصلاح ولا التقوى الا على يديها .. وادعوا الله يوميا ان يألف بين قلوبنا بالمودة والرحمة .. وان يغفر لنا ويرضى عنا ..
فهل تجوز علاقتنا رغم كل هذا؟ مع العلم باننى وصلت الى درجة كبير من التعلق بها ولا اتحمل فراقها .. ولا يمكنن هجرها لما فيه من ظلم لها ايضا بعد تعلقها بي
*******************
*******************
التعارف بين الاشخاص ذكوراً كانوا أو أناث,إذا كان ضمن الحدود الشرعية فلامانع منه,خصوصاً إذا كان على أساس من التقوى وذكر الله والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
قال تعالى :"إنا خلقناكم من ذكر وأثنى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير"(الحجرات/13).
لنفرض أن شخصاً يدرس في الجامعة ومعه زملاء,منهم الذكور ومنهم الأناث فهل يمنع حديثه معهم ومعهن في شؤون الحياة المختلفة,وفي أمور الدنيا والدين,والبحث عما هو مفيد وصالح ولهن,دون الوقوع في محرم.
لقد خلق الله تعالى الناس هكذا وكانوا منذ بدء الخليقة والتاريخ يعيشون معاً,في المجتمع وفي حقول العمل,رجالاً ونساءً,ولم يدع دين أوشرع الى تقسيم الأرض وفرز الحقول لتكون بعضها للرجال وأخرى للنساء..
نعم يحرم الخلوة -حيث لايدخل عليهم أحد ولايستطيع الدخول - بين رجل وامرأة أجنبية عنه بحيث يكون ذلك مدعاة للوقوع في الحرام,أما مجرد الاختلاط المتعارف في المجتمعات والأحاديث العامة التي يتداولها الناس -بعيداً عن الفحش والحرام -فما المانع منه؟ وقد جاءت الروايات عن تناول رسول الله (ص) الحديث مع النساء,وتلق العلم بين الصحابة وفيهم من كان يأخذ الراية عن نساء النبي (ص) وأهل بيته.
نعم,الحديث والنجوى بين الناس يجب أن لايخرج عن الحدود الشرعية بل ينبغي أن يتجه نحو اصلاح النفس والآخرين,قال تعالىلاخير في كثيرمن نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجراً عظيماً)(النساء/114).
وأما الحب فإنه في ذاته من الله تعالى وهو الذي أوجده في قلوب الناس فلا يمكن أن يعاقب عليه لمجرد ميل أو رغبة تتواجد في النفس..نعم إنما يحاسب الانسان على مايصدر عليه من فعل,كالزنا والعياذ بالله,أما إذا كانت غايةالحديث الزواج ويلتزم فيه بالحدود الشرعية,فماالضير في ذلك؟
ومن الغلو أن يذهب بعض الناس الى جعل أية رغبة أو ميل نحو أي أمر من أمور الدنيا وكأنه عزوف عن الآخرة أو بعد عن الله تعالى.. إن الدنيا وما فيها من خير وجمال قد خلقه الله تعالى لعباده دون غيرهم,ولكن أحل الله الطيبات وحرم الخبائث,ودعا الى التوازن بين الدنيا والآخرة,كما قال تعالى:
(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعملون)(الاعراف/32).
وقال تعالى معلماً عباده الدعاء :"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"
بقي أمر وهو أن تعارفكما قام على اساس نية الزواج وتعلق قلب أحدكما بالآخر,فلماذا لاتهيأ مقدماته وتتفاهما على حياتكما المشتركة وتتوكلا على الله وتتما الخطبة والعقد.. لكي تتحرا من القيود وتنعما بأكبر نعمة من الله بعد الايمان,وهو الزواج..
نعم يمكنكما أن تؤجلا مراسيم الزواج و"الدخلة" الى حين تتهيأ الظروف المناسبة,وقد يساعكما الله تعالى وبمعونة الأهل فتتهيأ حتى أثناء الدراسة وقبل التخرج.
إن بقاء البنت معلقة بالرجل سنوات دون وجود ضامن لزواجها يعرضها للكثير من القلق والأذى,فمن يعلم الظروف وقد تتغير القلوب,إذا لم تكن مرتبطة برباط الشرع الذي أحله وأقره الله ورسوله.
وكذا الرجل فإنه إذا ماتم العقد فإنه سينعم بالسكون والاستقرار النفسي ويكون لجهده وكفاحه في الحياة هدفاً ودافعاً قوياً يأخذ به نحو المعالي.
نعم يجب تجاوز الكثير من تعقيدات الزواج في مجتمعاتنا والتي باتت تسد عن طريق الله لأنها تعيق زواج الكثيرين,ممن لايجدون المال الكافي لمراسم الزواج,أو تهدئة بيت أو اثاث مكلف فإذا ما كان شخصان قد تفاهما وعقدا النية على الزواج فإن بإمكانهما التوكل على الله والاقدام عليه وحتى الزواج والعيش معاً ولو في كوخ,لأنهما سيعمرانه بطاعة الله وسيبارك الله كل نفس لهما طلباً لستره وتفيئاً بجلاله.
قال تعالى :"وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكون فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"(النور/32).